إلغاء ترمب الرقابة على منصات «التواصل» بين «الحرية» ومخاوف «المعلومات المضللة»

سماء الوطن
أثار الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإلغاء الرقابة الحكومية على منصات التواصل الاجتماعي، مخاوف بشأن إمكانية أن يدفع ذلك نحو انتشار «المعلومات المضللة»، لكن خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» رأوا أن القرار محدود التأثير، بل من شأنه تعزيز حرية التعبير.
الأمر التنفيذي الذي أصدره ترمب، في اليوم الأول من ولايته الثانية، «يمنع أي ضابط أو موظف أو وكيل فيدرالي من تقييد حرية التعبير لأي مواطن أميركي بشكل غير دستوري». وعدت وكالة «أسوشييتد برس» الأمر «خطوة مبكرة» نحو تنفيذ ترمب وعده الانتخابي بتفكيك ما أسماه «رقابة الحكومة» على المواطنين الأميركيين، بعد اتهامه «الحكومة الفيدرالية بالضغط على شركات التواصل الاجتماعي لإزالة المنشورات القانونية بسبب مخاوف بشأن المعلومات المضللة». بدورها، ذكرت صحيفة الـ«واشنطن بوست» الأميركية أن «هذه الأمر التنفيذي قد يحبط سنوات من جهود مكافحة المعلومات الخاطئة».
من جهة ثانية، أعلن مؤسس شركة «ميتا»، مارك زوكربيرغ، أخيراً، عن تغييرات لتعديل المحتوى الرقمي، تتضمن إنهاء التعاون مع جهات التحقق من المعلومات في الولايات المتحدة، وإدخال نظام مماثل لـ«ملاحظات المجتمع» المستخدم عبر منصة «إكس». وخلال الأسبوع الماضي، أعرب البرلمان الأوروبي عن «قلقه العميق» إزاء إمكانية استفادة روسيا من تراخي قواعد التحقق من المعلومات عبر منصات التواصل الاجتماعي».
الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، قالت إن قرارات ترمب الأخيرة جاءت «وفاءً بوعود قطعها أثناء حملته الانتخابية»، وإن «أوامره التنفيذية بشأن مواقع التواصل تنطلق من تجربة شخصية، ترجع إلى ما فعله (تويتر) (إكس حالياً) عام2021 عندما أغلق حسابه».
عبد الغني لا تغفل «الجانب التجاري والاستثماري الذي لا تخفيه إدارة ترمب في جميع توجهاتها»، لكنها ترى أن «هذه القرارات ستسمح بمنح مساحة أكبر للجمهور للتعبير عن الرأي، لا سيما بعدما بلغت حملات التضييق على المحتوى ذروتها في حرب غزة»، مع أنها في المقابل تشير إلى «المخاوف من تصاعد خطب الكراهية، خصوصاً في حالات الحروب والنزاعات المسلحة»، مطالبة بـ«قوانين رادعة بعيدة عن التحيزات السياسية».
وبينما يتخوف بعض المراقبين من أن يدفع قرار ترمب نحو انتشار «المعلومات المضللة»، ترى مي عبد الغني أن «تأثير القرار سيكون محدوداً في هذا الإطار، لا سيما مع ارتفاع مستوى الوعي بتدقيق المعلومات الرقمية»، وإن كانت في الوقت ذاته تشير إلى أن الأثر الفعلي للقرارات الأخيرة يمكن قياسه من خلال دراسات علمية قد تجرى لاحقاً. ولفتت إلى قرارات «ميتا» الأخيرة، وأرجعتها إلى أسباب عدة، منها «إدراك الشركة المالكة لـ(فيسبوك) و(إنستغرام) واقع التصاعد المستمر في هجرة مستخدمي مواقع التواصل إلى منصات بديلة نتيجة سياسات الحظر التي تفرضها (ميتا) على المحتوى تحت مسميات عدة». ومنها أيضاً «سبب اقتصادي في ظل توجه (ميتا) نحو الاستثمار في الخدمات المدفوعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي»، وهذا إلى جانب «رغبة (ميتا) بتجنب التصادم مع إدارة ترمب سياسيا وقانونيا، وهو الأمر الذي قد يكلفها مبالغ طائلة في أروقة المحاكم».
من جانبه، قال محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، خلال لقائه مع «الشرق الأوسط» إن «قرار ترمب يرتبط بقرارات (ميتا) الأخيرة بنسبة كبيرة، وهو خطوة مهمة على الرغم مما يثيره هذا من مخاوف بشأن زيادة انتشار المعلومات المضللة». ويعتقد فتحي أن العلاقة بين ترمب ورجل الأعمال إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، تلقي بظلالها على طريقة تعامل الرئيس الأميركي مع بقية المنصات، وتضعه دائماً في مرمى الانتقادات، متابعاً أن «ترمب ينظر لمنصات التواصل الاجتماعي بصفتها شركات اقتصادية عاملة داخل أميركا، ومن هنا فهو يتعامل معها بمنطق الربح والخسارة بعيداً عن الإعلام». ثم يضيف أن «البعض يربط بين حرية الرأي وانتشار الشائعات، مع أن المعلومات المضللة والزائفة تنتشر في ظل عدم وجود درجة كافية من حرية الرأي... وتأييد ترمب للانفتاح حيال شركات التكنولوجيا المحلية والأجنبية سيعزز حرية الرأي بشكل أكبر».
كذلك، يعتقد الصحافي المصري أن «قرار ترمب سيعزز حضور المؤسسات الإعلامية بشكل أكبر على منصات التواصل، ويعطيها فرصاً للظهور بشكل أكبر»، لكنه يشير إلى أن «علاقة الرئيس الأميركي بالإعلام عادة ما كانت تشهد فترات صعود وهبوط»؛ «لذلك من المتوقع حدوث مفاجآت خلال الفترة المقبلة». وكان ترمب، قد وقّع في مايو (أيار) 2020، إبان فترة رئاسته الأولى، أمراً تنفيذياً يهدف إلى إلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لمنصات التواصل الاجتماعي؛ ما أتاح للجهات التنظيمية، آنذاك، سلطة الملاحقة القضائية لمنصات مثل «فيسبوك» و«تويتر» (إكس حالياً) بسبب سياسة مراقبة المحتوى على منصاتها.