ترمب يستعد لمعركة سياسية ضارية هدفها تفكيك وزارة التعليم

ترمب يستعد لمعركة سياسية ضارية هدفها تفكيك وزارة التعليم

سماء الوطن 

غداة وضعه «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» تحت وصاية وزير الخارجية، ماركو روبيو، والإجراءات السريعة التي تتخذها «دائرة الكفاءة الحكومية (دوج)» بقيادة إيلون ماسك، استعد الرئيس دونالد ترمب للوفاء بوعد انتخابي آخر، متمثلاً في إصدار قرار تنفيذي يبتغي تفكيك وزارة التعليم، في خطوة يتوقع أن تشعل معركة سياسية ضارية ستكون لها تداعيات عميقة على الأنظمة التعليمية المرعية في الولايات المتحدة.

وتثير السلطة التي منحها الرئيس ترمب لأغنى أغنياء العالم قلقاً متنامياً في واشنطن العاصمة؛ بسبب التغييرات العميقة التي أحدثها في الحكومة الأميركية خلال أسبوعين فقط، ومنها سيطرة «دوج» على نظام المدفوعات في وزارة الخزانة، حيث تتدفق تريليونات الدولارات إلى كل الوكالات الفيدرالية، ومنها الوكالة المسؤولة عن المساعدات الأميركية الإنسانية عبر العالم.

وبفضل ترمب، يشن ماسك حرباً دون هوادة حتى الآن ضد البيروقراطية الفيدرالية والدولة العميقة، من دون أن يستثني وزارة العدل، التي تحظى تقليدياً بدور رقابي ضمن مبدأ فصل السلطات. ودفع بالمسؤولين الكبار في وزارة الخزانة و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» الذين اعترضوا على تصرفات «دوج» جانباً بسرعة.

وبدأ الديمقراطيون، الذين التزموا الصمت إلى حد كبير خلال الأسبوعين الأولين لترمب في السلطة، التحرّك ضد خطوات ماسك. وقالت السيناتورة إليزابيث وارن: «لم ينتخب أي أحد ماسك».

وانتقد الديمقراطيون «دوج» بوصفها محاولة غير دستورية لممارسة سلطات رئاسية على أموال أقرها الكونغرس. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن «الأمر أشبه بإدخال نمر إلى حديقة للحيوانات الأليفة وتمنِّي الأفضل».

ترمب معجب

وسعى ترمب إلى تقليل أهمية المسألة لدى سؤاله عنها في المكتب البيضاوي، مشيراً إلى أن «إيلون لا يمكنه القيام بشيء، ولن يقوم بشيء، من دون موافقتنا». وأضاف: «سنعطيه الموافقة عندما يكون ذلك مناسباً، وعندما لا يكون كذلك فلن نفعل». ومع ذلك، فقد عبر عن إعجابه بما يفعله ماسك. وفي ظل الإجراءات الراهنة، يتوقع أن تطول القرارات الآن إلغاء وزارة التعليم، علماً بأن ترمب يعترف بأن مشروعاً كهذا يستوجب قانوناً من الكونغرس. غير أنه سيتمكن من تقليص دور الوزارة، وفقاً لأشخاص مطلعين على خطط ترمب ولكنهم غير مخولين التحدث علناً عن هذه المسألة.

وبدأ نحو 20 شخصاً من «دائرة الكفاءة الحكومية» الأسبوع الماضي العمل داخل وزارة التعليم، سعياً إلى خفض الإنفاق والموظفين. غير أن ذلك مجرد مقدمة لجهود أشد دراماتيكية للوفاء بأحد وعود حملة ترمب: القضاء على وزارة التعليم تماماً، وفقاً لهؤلاء. ورغم بدء هذه الإجراءات، فإن بعض موظفي وزارة التعليم لا يزالون قادرين على الوصول إلى أنظمة داخلية حساسة متعددة، ومنها مجموعة بيانات عن مساعدات مالية؛ ضمنها المعلومات الشخصية لملايين الطلاب المسجلين في برنامج المساعدات الطلابية الفيدرالية.

وأكد مسؤول في البيت الأبيض أنه يستعد لاتخاذ قرار تنفيذي هذا الشهر من شأنه أن يفي بتعهد حملة ترمب بسحب التمويل من الوزارة. غير أن بعض الجمهوريين يفضل الانتظار إلى حين استماع مجلس الشيوخ شهادة مرشحة ترمب لمنصب وزيرة التعليم، ليندا ماكماهون، للمصادقة على تعيينها.

ولا يُرجح أن يتضمن القرار التنفيذي المتوقع إغلاق «الوكالة». ويوجد اتفاق واسع النطاق في كلا الحزبين على أن تنفيذ ذلك يتطلب إجراء من الكونغرس؛ لأن الوزارة أنشئت بقانون من الكونغرس عام 1979، وبالتالي هو فقط الذي يمكنه إلغاءها. وهذا ما يحتاج إلى موافقة غالبية 60 من الأصوات الـ100 في مجلس الشيوخ، مما يعني أن الجمهوريين سيحتاجون إلى انضمام 7 ديمقراطيين على الأقل لدعم الخطة، وهو أمر غير متوقع.

وكان مجلس النواب الأميركي صوت عام 2023 على مشروع قانون لإلغاء وزارة التعليم، فحصل على 161 صوتاً إيجاباً، لكن 60 جمهورياً انضموا إلى جميع الديمقراطيين الذين صوتوا بـ«لا». وبالتالي، هُزِم المشروع.

بديل الإلغاء

وقال رئيس لجنة التعليم في مجلس النواب، الجمهوري تيم والبيرغ: «لن أحبس أنفاسي على أمل أن يصير (إلغاء الوزارة) قانوناً في النهاية»، موضحاً أنه يؤيد إلغاءها، «ولكن الخطة لا تحظى بدعم كافٍ في مجلس الشيوخ، لذلك فلن يكون مثل هذا التشريع في (أعلى الأولويات) بغياب خطة من ترمب لدفع مشروع القانون إلى الأمام». وأضاف: «ستكون جهودي هي إيجاد أي وسيلة يمكننا عبرها نزع السلطة عن وزارة التعليم». ويتوقع أن يوجه القرار التنفيذي وزارة التعليم نحو وضع خطة تشريعية لتقديمها إلى الكونغرس، بالإضافة إلى خطة لتقليص عدد موظفيها ووظائفها.

ولم يكن من الواضح مدى تفصيل الأمر، لكن متابعي وزارة التعليم توقعوا أن تحاول الوزارة نقل وظائف مختلفة إلى إدارات فيدرالية أخرى، في ما يحاكي مشروع 2025 المحافظ الذي يُفصّل الأماكن التي قد تنتهي إليها أجزاء مختلفة من الوزارة إذا أُلغيت.

وينص «قانون التعليم العالي المنفصل» على أن «مكتب المساعدات الطلابية الفيدرالية» يجب أن يكون داخل وزارة التعليم. وكان هناك بعض الاهتمام الحزبي بنقل بعض هذه الوظائف خارج الوزارة في الماضي، لكن من غير الواضح ما إذا كان الديمقراطيون سيوافقون على ذلك.

ولطالما كان إلغاء الوزارة هدفاً لجمهوريين منذ إنشائها عام 1979. وخلال حملته، وعد ترمب مراراً بـ«إعادة» المسؤولية عن التعليم إلى الولايات، وهي رغبة ردد صداها كثير من المرشحين الجمهوريين الآخرين.

وتدير الوزارة «برامج المنح الفيدرالية»؛ بما فيها برنامج تبلغ قيمته 18.4 مليار دولار لتوفير تمويل إضافي للمدارس الفقيرة ورياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، بالإضافة إلى برنامج بقيمة 15.5 مليار دولار يساعد في تغطية تكلفة التعليم للطلاب ذوي الإعاقة. وتشرف الوزارة أيضاً على برنامج القروض الطلابية الفيدرالية بقيمة 1.6 تريليون دولار، وتضع قواعد لما يجب على الكليات فعله للمشاركة.