حكومة عباس تشكل لجنة لإدارة القطاع... دون «حماس»

سماء الوطن
أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، تشكيل لجنة عمل لإدارة شؤون قطاع غزة، في خطوة ستقطع الطريق على محاولات تشكيل لجنة مشتركة مع حركة «حماس»، وتفترض استبعاد الحركة عن حكم القطاع، وهي مسألة متعلقة باليوم التالي للحرب، وما زالت غامضة وإشكالية.
وقال مصطفى، في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية: «تأكيداً على وحدة أراضي الدولة الفلسطينية، وحرصاً على تعزيز الوحدة الوطنية، تقرر الحكومة الفلسطينية التي تنضوي تحت قيادة السيد الرئيس محمود عباس تشكيل لجنة عمل لإدارة شؤون قطاع غزة».
وجاءت الخطوة التي أعلن عنها مصطفى بعد إنشاء الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الفريق الوطني للتحضير لإعادة الإعمار.
وبحسب مصطفى، فإن الحكومة تعمل الآن في قطاع غزة «من خلال غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة»، وبالتنسيق مع مختلف الشركاء، لتوفير ما أمكن من الخدمات الأساسية، من مياه وكهرباء وصحة وتعليم، «انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية تجاه أبناء شعبنا الذين عانوا من ويلات الحرب طوال الـ «15 شهراً الماضية»، كما تعمل «على تسريع وصول المساعدات الإنسانية، وفتح الطرق وإزالة الركام، وتوفير تجمعات مناسبة لإيواء من دُمرت بيوتهم، تمهيداً لإعادة الإعمار الشامل».
وتهدف الخطوة لتمهيد الطريق لسيطرة السلطة على غزة في اليوم التالي، لكن المسألة معقدة، إذ تحتاج إلى موافقة إسرائيلية ودولية وعربية، وكذلك إلى موافقة «حماس» التي ما زالت تتمتع بسيطرة واضحة في القطاع.
ولم يشر مصطفى إلى ما إذا كانت اللجنة المشكلة ستعمل بالتنسيق مع «حماس» التي ما زالت تسيطر على قطاع غزة، لكن مصدراً في السلطة قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» يجب أن تبتعد عن حكم غزة وعن أي لجنة متعلقة بها.
وأضاف: «بوجود (حماس) ستتعطل كل الجهود، وعليها تسليم كل شيء للسلطة إذا أرادت فعلاً إغاثة الناس، وإعادة إعمار ما دُمر في غزة».
ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس في السابق ضغوطاً من أجل تشكيل لجنة إسناد مجتمعية بمشاركة «حماس» أو بالتوافق معها، على أساس أن على «حماس» تسليم القطاع للسلطة، والسماح بتوحيد المؤسسات تحت شرعية السلطة الواحدة.
ونهاية الشهر الماضي، قال مصطفى إن عملية إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب استبعاد «حماس» من السلطة.
وفي خطوة أولى تسلمت السلطة الفلسطينية، قبل أيام، إدارة معبر رفح بالاشتراك مع بعثة الاتحاد الأوروبي، من أجل السماح بخروج مرضى ومصابين عبر المعبر إلى مصر لتلقي العلاج، من دون أي وجود لـ«حماس».
وهذه أول مرة تعمل فيها السلطة في معبر رفح منذ 2007 بعد سيطرة «حماس» على القطاع.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصر على أنه لا وجود رسمياً للسلطة في معبر رفح وإنما «لختم الجوزات».
ويرفض نتنياهو حتى الآن مشاركة السلطة الفلسطينية في حكم غزة بعد انتهاء الحرب، ويرفع شعار «لا حماسستان (حماس) ولا فتحستان (فتح)»، على الرغم من أنه لا يضع خطة واضحة لحكم غزة بعد الحرب.
وانطلقت، الثلاثاء، مفاوضات المرحلة الثانية من الهدنة في غزة، ومن شأنها إذا نجحت أن تحدد إلى حد بعيد مستقبل الحكم في القطاع.
وتدعم دول عربية تمكين السلطة في مواجهة أفكار أميركية شملت قوات متعددة فلسطينية وعربية ودولية، ودوراً محتملاً لمسؤولين فلسطينيين في الخارج ومستشارين أميركيين وشركات أمن وعائلات.
وفي اجتماع عُقد، السبت، في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية شارك فيه الأردن، ودولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ومصر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين والأمين العام لجامعة الدول العربية، اتفق الأطراف على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة، بوصفه جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تَعَرَّضَ لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.
ولم تعقِّب «حماس» فوراً على إعلان السلطة الجديدة، لكن مصادر في الحركة قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ستعلن موقفاً لاحقاً بعد المشاورات.
وقالت مصادر أخرى لمواقع تابعة لـ«حماس» إن الحركة لم تكن على علم، ولم يجر الترتيب معها حول إعلان هذه الخطوة.
وقبل أيام قليلة فقط، قال طاهر النونو، القيادي في «حماس» إن الحركة ستواصل حكم قطاع غزة حتى يتم الاستقرار على بديل فلسطيني خلال المحادثات في القاهرة. وأضاف لوكالة «أسوشييتد برس»، أن الحركة وافقت على اقتراح مصري يقضي بتسليم إدارة غزة إلى «لجنة إسناد مجتمعي» تتكون من تكنوقراط مستقلين، مشيراً إلى أن الحركة تقبل كذلك بإنشاء حكومة توافق وطني تدير الضفة الغربية وقطاع غزة.
لكن النونو قال إن حركة «فتح»، الفصيل الرئيسي في السلطة الفلسطينية التي تحكم الصفة الغربية، رفضت كلتا الفكرتين. وتابع: «حتى يتم اعتماد أحد الخيارين، لن يكون هناك فراغ. ستتحمل الإدارة الحالية (التي تقودها حماس) مسؤوليتها تجاه شعبنا. وهذا ما يحدث الآن».