خبراء: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من شمالي غزة مقدمة لاجتياح الجنوب
سماء الوطن :
رجح مختصون في الشأن العسكري ومحللون سياسيون، أن يكون انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة تكتيكيًّا، ومقدمة لبدء عملية عسكرية في مناطق أخرى من القطاع، خاصة في الجنوب.
وبعد عملية عسكرية استمرت 20 يومًا، انسحب الجيش الإسرائيلي من شمالي القطاع بشكل كامل، حيث خلف دمارًا كبيرًا إثر عمليات القصف المكثفة لأحياء الشمال، وتحديدًا مخيم جباليا، في عملية تعد الأوسع منذ بدء الحرب في غزة.
إعلان إسرائيلي
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن "قوات الفرقة 98 استكملت مهمتها في شرقي جباليا، وانسحبت تمهيدًا للمراحل اللاحقة من القتال بالقطاع"، مبينًا أن القوات انتشلت جثامين 7 من الرهائن الإسرائيليين.
وقال أدرعي، في بيان عبر منصة "إكس"، إن "قوات الفرقة حاربت بشرق جباليا فوق الأرض وتحتها وسط منطقة حضرية، ومزدحمة ومفخخة".
وتابع: "فوق الأرض، قضت القوات على مئات المسلحين من خلال المعارك الشرسة والاشتباكات من مسافة قصيرة، ودمرت عشرات البنى التحتية لهم والمجمعات القتالية، وعثرت على مئات الوسائل القتالية منها قطع السلاح، والعبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، وأنواع الذخيرة وغيرها".
وأكد أنه "تم العثور على عدة ورشات نوعية لصناعة الوسائل القتالية وتدميرها، وكجزء من تفكيك قدرات حماس داهم المقاتلون عددًا كبيرًا من مجمعات إطلاق القذائف الصاروخية، ودمروا منصات لإطلاق قذائف صاروخية كانت جاهزة للإطلاق".
واستكمل أدرعي: "تحت الأرض، عثرت القوات وفتشت ودمرت أكثر من 10 كيلومترات من الأنفاق، وحيّد المقاتلون عبوات ناسفة في أنفاق، وعثروا فيها على وسائل قتالية ومعلومات استخباراتية تتعلق بحماس".
وقال: "كجزء من المعركة تحت الأرض تم القضاء على قائد كتيبة بيت حانون".
انسحاب تكتيكي
وأكد الخبير في الشأن العسكري، اللواء يوسف الشرقاوي، أن "الانسحاب العسكري الإسرائيلي من شمال القطاع تكتيكي"، لافتًا إلى أنه يهدف بالدرجة الأولى للاستعداد لعملية عسكرية جديدة أوسع بمناطق مختلفة.
وقال الشرقاوي، في حديث لـ"إرم نيوز"، إنه "من المرجح أن يكون الهدف من الانسحاب الإسرائيلي من شمال القطاع هو توسيع العملية العسكرية في رفح، خاصة أن الجيش يعمل منذ أسابيع بوتيرة بطيئة للغاية بالمدينة، اشتدت خلال الأيام الماضية".
وأضاف أن "إسرائيل منذ بداية حربها على غزة لم تفتح جبهتي قتال واسعة في القطاع، وكانت دائمًا تقوم باجتياح واسع في منطقة، ومناورات عسكرية بمناطق أخرى"، مبينًا أن الإستراتيجية الإسرائيلية تهدف لتحقيق التوازن العسكري لجيشها.
وبين الشرقاوي أن "الأيام المقبلة ستشهد توسعًا للاجتياح البري لمدينة رفح، كما سيركز الجيش الإسرائيلي على مناطق جديدة بالمدينة، خاصة في الوسط والشمال، وسيعمل على تعزيز سيطرته على محور فيلادلفيا".
وأكد أنه "لم يبقَ لإسرائيل أهداف عسكرية يمكن تحقيقها شمالي قطاع غزة في الوقت الراهن"، مشيرًا إلى أن "القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل سيعملون في الوقت الحالي على الترويج لانتصار جديد من خلال صورة الدمار الهائل التي ستظهر بمخيم جباليا وشمالي القطاع".
كما أكد الشرقاوي أن الانسحابات العسكرية الإسرائيلية تأتي أيضًا لتحقيق أهداف سياسية.
دلالات إسرائيلية
من جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، إياد جودة، أن "الانسحاب من شمالي القطاع يعكس أكثر من دلالة، قد تكون إحداها مرتبطة بتعزيز القوات الإسرائيلية من أجل البدء في المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية في رفح".
وقال جودة، في حديث لـ"إرم نيوز"، إن "الجيش الإسرائيلي في حال قرر الدخول لقلب أحياء مدينة رفح، فإنه سيكون بحاجة لقوات كبيرة تعمل هناك، خاصة أن إسرائيل تتعامل مع تلك المناطق باعتبارها معاقل لحماس ولديها قوة عسكرية كبيرة فيها".
وأوضح أن "ذلك يعكس أيضًا رضا القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، ولو بشكل جزئي، عن النتائج التي حققتها العملية شمالي القطاع، وذلك اعتمادًا على ثلاثة عوامل رئيسة؛ الأول رمزية مخيم جباليا لدى حماس والفلسطينيين، والثاني استعادة جثامين بعض الرهائن لدى الفصائل المسلحة في غزة، أما العامل الثالث فيتمثل في عدم رغبة إسرائيل في تكبد مزيد من الخسائر جراء استمرار تواجد قواتها في مناطق شمالي القطاع، وفضلت الانسحاب حاليًا".
واستدرك جودة بالقول: "لكن لا يمكن الجزم بأن إسرائيل حققت ما تريده من نصر حاسم على الفصائل، وعلى إثر ذلك قد تعلن في أي وقت لاحق عودتها للعمل العسكري شمالي القطاع، لتحقيق أهداف فشلت في تحقيقها على مدار الأشهر الثمانية الماضية من عمر الحرب".
وأكد جودة أن ذلك يندرج في إطار محاولات القيادة السياسية في إسرائيل، خاصة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لإطالة أمد الحرب إلى أطول فترة ممكنة.
وكالات