من وحي مدونة الشعر القديم... بمناسبة الذكرى الـ(61) لثورة الـ 14 من أكتوبر
سماء الوطن / كتب : أ. صالح القطوي
شهد متحف لبوزة بردفان أمسية شعرية، أقيمت برعاية الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي..
الأمسية أعادت للجنوب وشعبه قيم وصدى الثورة الأكتوبرية حيث رسمت الخطوط العرضية لإرهاصات النضال الثوري ابتداء برفض الذل ومواجهة إملاءات المحتل
منذ ١٨٨١ وفي عام ١٩٤٢ حدثت في ردفان معركة الحمراء والاستيلاء على موقع عسكري
ثم مستجدات الأزارق منذ سنة 1947م. بمقتل المستر بيتر ديفي (1914- 1947) بسلاح الشيخ محمد بن عواس (1911- 1947) وعن هذا الحدث التاريخي عبر الشعراء عن الروح البطولية والمواقف الشجاعة التي تميز بها الشهيد البطل بن عواس. كذلك كشفت القصيدة نوايا المستعمر وخبث سياسته.
وقد تطرق إلى هذا الحدث التاريخي عدد من الشعراء منهم:
الشاعر راجح هيثم بن سبعة اليافعي (1860- 1950)، كتب قصيدته الشهيرة
إذا جاء نصر الله والنصر والفتوح.. نصرنا على العدوان هو ذي نصر علي
وساق العدو سَوْق المجازير لمذبوح .. ودمر بسيفه كل كافر وباطلي
والشاعر أحمد ناصر أحمد القطيبي (1917- 1994) على وزن بحر الطويل (23) بيتا.
كريمان يا بو الجود باقي لم تزل .. تعززت بالجبروت يا فرد معتلي
طرزها بالحكمة والمثل، ومنها :
ديفي خرج من الضالع سرح ساقه الأجل .. سرح أرض بن عواس سياسي ومصملي
يبى الجيد بن عواس يدخل في الجدل .. ويؤمر بغير الحق، ولا هو معولي
ويحسب محمد مثل جلابة البصل .. وهو محرقي يلقع بنابه ويفعلي
والشاعر محمد صالح بن أحمد المحرابي (1923- 1974)
جاني خبر نصف الليل وانا غاوي .. جاب لي اعلام عن ديفي وبن عَوَّاس
وقال زانه تُعبُر خلفَهُم لامِي .. ناساً تخفجهْ وشي صُوْبِهْ وقع بالرَّاس
ما عاد فيها جَرمَل ولا فَرَنصَاوي .. ملا (مَيازِر) تِشُل العقل مِن لِحْسَاس
يالله بزامِلْ مِن القبلةْ وبِهْ عاوي .. تصبح رؤوس النَّصَارَى بالجبل أخماس
ولا تِقولوا كُلّ الناس متساوي .. ناسٌ بِيرضى على حدِّهْ وشِيْ حَمَّاس
الشيخ (عَوَّاس) لاوَّلْ نفَّر الحاوي ..يهناك الموت، يا ثعبان يا لَـقَّاص
ديفي تقدَّم وبعدهْ عالرّياح هَاوي .. قَتْلُهْ بِـ(لندن) مصَوَّر داخل القرطاس
ديفي تقدَّم وبعدُهْ مرتحل آوي .. مَا الـيوم لا زَام يا (ديفي) ولا حُرَّاس
أَسقِيكْ مِن مَاء تُبَن دي تِبعِد الغاثِي .. واسْقيك مِن بُو خشب تِمحي الوسواس
وعاد (مُقبِلْ) ضَرَبْ حَبَّةْ فَرَنصَاوي .. والصَّوب بالضلع بقَّسِهْ بِقَّاس
يا رحمة الله بعطر العود والكاذي .. تِزور الشيخ لَمَّا قبر بَن عوَّاس
وألفي صلاتي عليهْ ما ينفح الجاوي ..وعداد ما يقرَئِ الأطفال بالمِدرَاس
وأما الشاعر محمد قاسم كبيش (1922- 1999) فيقول :
بدينا بالذي لا راد قدر .. عظيم الشان وهاب العطيه
أتينا وقت ما نكد وضجر .. بنا والأمر في حيه زريه
قهر من باطل الدوله وسيجر .. من الاحكام دي جتنا شقيه
ومقبل ساعة الهده تثور .. فعل للعدو حبه جعبليه
بينما يفخر شاعر الثورة حسين محمد بن محمد الفقيه (1925- 2001) بهذا الحدث وينادي بني قومه :
يا ضالعي يا شعيبي يا بني قومي تاريخكم مجدكم والحرية عواس
وينطلق إلى رسم صور أخرى للمقاومة وبشاعة جرائم الاحتلال وحصاره لقرى الأزارق منتصف القرن الماضي، يقول :
مِن الطائراتِ المغيرة سربَها حلَّقْ..
واشتدَّتِ المعركةْ واشتدّتِ الآفاقْ..
ما احلاه من يوم فيه النصر يتحقّقْ..
يوم تسقط طائرة بالمُحرق الخرّاقْ..
و كان ردّ العدو إنذارَنا بالدَّقْ..
اتلفْ قُرَانا واتلف جُملَةِ الأرزاقْ
إلى أن يقول :
شهور واعوامْ وَاجَهنا القَدَر مُسبَقْ..
واطفالنا بالجبال الشاهقة و الشّاقْ
ولا شك أن هذه الإرهاصات أسست لانطلاق الثورة بسبب كبت حرية الشعب:
وكبت الحرية بركان فجر .. شرايين الكبد دمة وفيره
عليه الشعب قد ناضل وجمهر .. وفي الرابع عشر قاد المسيره
نزل كسر ومن بعده عرش قيصر .. ومن آثر على شبه الجزيرة
ومن هذه المدونات الثورية قصيدة سعيد عبيد قالها قبل ثورة 14 أكتوبر. ومنها :
قال حن حنات حن القلب لما اشتعط .. بعد ما كان ما فيه فخطه
يا رسولي تزلم شل بسطه وخط لا "كريزة" ولا حيد بطه
قله الآن يرفع بايجيه السخط .. أمر جازم بيدي وسلطه
جيشنا جيش بايحمي جميع النقط .. بايسوي لهم يوم حلطه
قد سمعنا زوامل جيش جاء من برط .. يملكوا المحمية بالعونطه
قد سمعتو إذاعة لاتكلم غلط .. قوموا الآن نعمل محطه
قد بصرتو صلاته صيد لاول نفط .. هات لي الفرد والا الفلنطه
قد رميته وشفت اصواب منها سقط .. بارجله وإيدئه ما توطه
وفي جانب آخر ألقى الأساذ الدكتور علي القداحي عددا من القصائد الثورية التي رافقت انطلاق الثورة الأكتوبرية المجيدة من الشعر الفصيح لشعراء تلك المرحلة ومنهم، الشاعر عبده عثمان ولطفي جعفر أمان وسُبيت، وغيرهم.
بينما تخلل الحفل أغان ثورية تعبر عن رفض الاحتلال الأجنبي ووجود المحتل اليمني وعن الرفض الشعبي.
ومن وحي الاحتفال لمسنا الحضور الجماهيري لأبناء عدد من مناطق ردفان وخارجها والتفاعل الإيجابي لشباب ردفان الذين كانوا سباقين برسم خطوط الحرية.
وأما ما لفت انتباهنا فهي طبيعة ردفان الجبلية (الأرض والإنسان) التي قدمها دكتور حافظ القطيبي والدكتور بدر العرابي، وكذلك البيئة الشعرية التي أبرزها عدد من شعراء ردفان.
ومن جانب آخر مثل حضور الشخصيات الوطنية والاجتماعية سموهم بالثورة، وعلى رأسهم مدير عام مديرية حبيل الجبر فكري محمد صالح والأستاذ صالح عقيل الأمين العام للمجلس المحلي مديرية ردفان وغيرهم..
تتميز ردفان بعدد من الجبال و الأودية، منها :
جبل "البدوي" الذي انطلقت منه الثورة واستشهد فيه الثائر البطل راجح بن غالب لبوزة. وهو مطل على وادي المصراح..
وأيضا من أشهر الأودية والجبال، جبل الحورية
وادي دبسان (مسقط رأس لبوزة)، و وادي وحّدة، و وادي عقيبة، وجبل القطيعا، وجبل البكري، وجبل ودنة، و وادي تيم، و وادي ذي ردم الذنبة، والربوة". وأما مناخها فساحلي.
وموقع ردفان جعله منطلقا للثورة، وكأن تضاريس الطبيعة تقاتل معهم. وهذا ما أكده د. حافظ قاسم القطيبي في أكثر من بحث له. وبرأينا يعد هذا الباحث ثروة لردفان في هذه المرحلة إذ كشفت أبحاثه عن عدد من القضايا المحورية التي تتعلق بواقع ردفان الجيوسياسي وبالثورة الأكتوبرية التي أفرزتها طبيعة المنطقة في تلك المرحلة.
ختاما لا ننسى الشكر لكل من الأستاذ سالم العولقي ومختار اليافعي اللذين كان لهم شرف إنجاح الاحتفالات الأكتوبرية. وكذلك الشكر موصول لمنصة (بساط ونون) التي يديرها الأستاذ الشاعر: شكري الحسني، وعمر العمودي، ومنصة (حِميَر) التي يديرها الإعلامي صالح شنظور .
ولفرقة الاحتفال الفنان الخلوق فضل العدني، ولشباب ردفان ولنادي صمود ردفان، ولكل من كان له فضل الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة.